علمك بالشر ،،طريقك للظفر

في النفس من الأسرار ، و الخفايا ما لا يكشفه إلاّ عون الله و مدده ، و لهذا قال عبد الله التستري الزاهد " معرفة النفس أخفى من معرفة العدو ..لأن طعنات النفس خفية ، و ضرباتها قوية ، بيد أن ضربات العدو جلية ، و مرتقبة .. فلا ينبغ لنا أن نتركها تتستر وراء كل زاوية ، لتأخذنا على حين غرّة فتهلكنا ، بل لا بد من عملية اقتحام ليليّ ، و مهاجمتها في معاقلها ، و مخابئها لئلا تبهتنا، إذا أردنا بحق إسعادها .. فكن أخي كغبراهيم بن أدهم " أهان الهوى حتى تجنبه الهوى" هكذا وصفه محمد بن كناسة ابن اخته.

مالي سوى فقري إليك وسيلة *** فبالإفتقار إليك ربي أضرع
مالي سوى قرعي لبابك حيلة *** فلئن رددت فبإيّ باب أقرع

[ و لا يزال العبد بخير، و على خير؛ ما علم الذي يفسد عليه عمله .] كما قال الزاهد التابعي " حسن البصري " .. لأن في قهر هوى النفس لذة تزيد على كل لذ..

نعم ، علاج الهوى صعب ؛ سقط في أسره رجال كنا نعدهم من الأوتاد ، فإذا بهم ينصهرون تحت نيرانه المتقدة..و يسيرون وراءه مكبلين بقيوده المحكمة ؛ ترهقهم ذلة ..!!

صغيرُ هواك عذبنـــي ... فكيف به إذا احتنـــــكا
وأنت جمعتِ من قلبي ... هَوى قد كان مشتركا
أماترثي لمكتئـــــــــب ... إذا ضحك الخفي بـــكا

صعب و شديد ؛ لكنه شهي و لذيذ..!

عندما يكف الإنسان أذى ظنونه ، و يكف أذى لسانه ، و أذى سمعه عن المؤمنين ..يحس بلذة الظفر و الانتصار بعد طول انتظا ر.. و إن لم يسدَّ عليه ابواب الطلبِ يكتئبْ ، و يزوغ بصره ثم يضطربْ ، و تزداد بداخله نيران اللهب ، و تستحكم في الأوصال ، إذا طال الإهمال..! لكن صعوبة هذا العلاج تلين بعد صلابة ، إذا تجرع الدواء بنباهة ، و سار في دروب الهداية .

و كفى للمؤمن من الشر أن يعرف فسادا ثم لا يصلحه !

فالهوى يغور مورد العبودية ، و لا يتركها تصفو ، و ما لم يسارع الناهل بإضعاف هذا العدو الذي بين جنبيه ؛ تزل قدمه بعد ثبوتها ، و لو أتى بأعمال تسد الخافقين ... فمن تهاون مع الهوى ، رمت به لججه في مهاوي الردى ، لأنه خفيف غير لطيف

هي النفس إن أنت سامحتها **** رمت بك أقصى مهاوي الخديعة
فإن شئت فوزا فناقض هواها **** و إن واصلتك أجزها القطيعـــة
و لا تعبأ بميعــــــــــــــــادها ***** فميعادها كسراب بقيعـــــــــــة </B>

تسلمين اختي العزيزة

جيرســـــــي..